اخر التدوينات

LightBlog

الجمعة، 3 يوليو 2020

ذكرى رحيل آخر الملائكة

السيد الحكيم
السيد الحكيم


 اليوم في الذكرى العاشرة لرحيل السيد محمد حسين فضل الله، اليوم الذي كنّا نخافه ونخاف التفكير فيه او حتى تخيّله، خوفًا من فقدانك يا سيد، نجدد فقدان حضورك الكبير الآسر، الذي يجعلنا نشعر اننا بحاجة اليك دومًا, كان وجودك بيننا كافيًا كي نشعر بالأمان. 

أعذرنا ان لم نستطع التصديق بأنك رحلت نهائيًا عن دنيانا، فالخسارة كبيرة، كبيرة جدًا ولم يستطع أي شيء تعويضها.

فكرة أننا لم نعد نسمع كلماتك التي كانت تصدح بالحق دومًا، فكرة مؤلمة وموجعة، لكن ما يُعزّينا أنك تركت لنا إرثًا غنيًّا، نسترجعه في كل الأوقات، لكننا نحتاجك اليوم يا سيد أكثر من أي وقتٍ مضى. لا بد أنك ترانا من مكانك، تتحسّر على ما آلت إليه أحوالنا، لو كنتَ هنا لصدح صوتك بالحق، كما كان دومًا، لصرخت في وجوه الفاسدين والحاقدين، لصوّبت البوصلة وأعدتها إلى مكانها الصحيح بعد أن حاد كثيرون عنها...

عزاؤنا الوحيد ما تركته فينا من أثرٍ طيب، من أقوال وحِكَم زرعتها في ثقافتنا ويومياتنا، من كلمات ستبقى محفورة في ذاكرتنا وقلوبنا كوصايا مقدّسة لن نفرّط فيها أبدًا. 


رغم كل شيء، رغم الضياع والجوع والانهيار الذي يحيطنا من كل جانب، يكفينا فخرًا أننا عشنا في زمنك, نستلهم من أفكارك وعظاتك, عايشنا رجلًا كبيرًا في قيمته الانسانية والفكرية، رجلًا حملنا من التقوقع الى الانفتاح، من التفرقة الى الوحدة، من طاعة الله خوفًا من حسابه الى محبة الله ايمانًا واقتناعًا، رجلًا أثبت بالفعل أن الدين يسرٌ لا عُسر... 
لم تقدّم نفسك يومًا كرجل دين يعيش في عالمٍ خاص بل كنت طيبًا وبسيطًا, قريبًا من الناس تحبهم ويحبونك، كنتَ القدوة، وستبقى...

كنتَ دومًا القائد والحكيم والمرشد، كنتَ الصديق الذي يستمع الى مشاكلنا وهمومنا ويحاول ايجاد كافة الحلول المنطقية، كنتَ الجريء الذي لا يهاب أحدًا, بقيتَ صلبًا وشامخًا, اعتنقتَ المقاومة وحضنتها, آمنتَ بالتحرير, تحرير الانسان من قيوده الذاتية قبل تحرره من الاحتلال...

كنتَ الأب الحنون لآلاف اليتامى الذين ازداد يُتمهم برحيلك! نعم يا سيّدنا كلنا بوفاتك أصابنا اليُتم، الأب الذي كان كل واحدٍ منا يحس بحنان كلماته ودفء ابتسامته, الأب الذي لم يخذلنا يومًا أو يتخلى عنّا، الذي كان حاضرًا في كل الساحات, يا سيّد المنابر... رحلتَ جسدًا ولكن روحك ستبقى خالدةٌ في قلوبنا وذاكرتنا.

اليوم الذكرى العاشرة لرحيل آخر الملائكة، نصير المرأة والمدافع عن حقوقها ووجودها، رحل وعاد الى ربه راضيًا مرضيًا، فليرحمك الله وليرحمنا على تحمّل جسامة فقدانك الكبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Publisher ID: pub-7408538024772291

Adbox