نور العشق أتمت الثالثة

مدونة عن خدمات الكتابة والتحرير

 قطعة الروح هذه بلغت عامها الثالث اليوم، ضحكاتها، دمعاتها، عفويتها وعنادها، تُعشق بكل تفاصيلها...

في مثل هذا الوقت منذ ثلاث سنوات، تعالى صوت موسيقى من المصعد، كنا ننتظره منذ الصباح، بعضنا جالس على مقاعد الانتظار، بعضنا الآخر يقف، أو يتجوّل وكأنه يقيس المسافات بين غرفة الانتظار وغرفة الولادة.

دخلت رحمة منذ نصف ساعة للبدء بعملية الولادة القيصرية، عيناي معلّقتان على أمي المتوترة، بابتسامة رجاء، ولبيب زوج أختي الذي يزرع المنطقة الفاصلة بين غرفة الولادة وقاعة الانتظار، المكتظة بالأهل والأقارب. وكأنه في ذلك اليوم من ذاك العام، لم تكن امرأة تلد سوى أختي! 

أخبرت الممرضات أمي أنه حين سماع صوت الموسيقى ينبعث من المصعد، يعني أن الولادة تمت، وما هي سوى ثوان معدودة، انقلبنا جميعًا رأسًا على عقب، ساد هرج ومرج، طفلة وُلدت منذ دقائق تخرج من غرفة الولادة، مع بكاء لا ينقطع!

حملتُ هاتفي وثبّتُ وضعية الكاميرا، أردتُ أن أوثق اللحظات الأولى لـ "نور"، ها هي تخرج بالحاضنة برفقة الممرضات، وما أن ضغطتُ على زر التصوير حتى امتدت الأيادي من كل صوب تُغطي الكاميرا لأنني لم أنتبه أن الفلاش يعمل! بدأت التمعّن بتفاصيل وجهها وأنا أتمتم "هذه بنت أختي" التي كنا بانتظارها طيلة الشهور التسعة ونحن نتخيّل شكل أنفها، لون عينيها، صوتها، كل تفاصيلها، ها هي وصلت وبدأت الدموع تنهمر على وجوهنا دون أن نعي.

لن أخوض الآن في تفاصيل السنوات العشر من المعاناة والقهر التي عشناها بسبب خطأ قاتل من طبيبٍ أخرق كاد أن يحرم أم من أمومتها، وما أكثرهم!

ما يهم الآن هو الفرح الذي تزرعه هذه الـ "نور" التي أنارت حياتنا، وبتنا ننتظر أولى ردات فعلها، أولى كلماتها. هي دقيقة الملاحظة، تحب الترتيب والنظافة كجدتها ووالدتها، عنيدة كخالتها "حضرة جنابي". تنتبه لأدق التفاصيل، تكره الأصوات العالية، وتحب مساعدة الآخرين.

قطعة الروح هذه بلغت عامها الثالث اليوم، تتحضّر للدخول إلى المدرسة، بعد انتهاء جائحة كورونا، على أمل أن تحمل لها أيامها وسنواتها القادمة كل الخير والأمان، وأن تبقى لنا النور الذي يُضيء حياتنا إلى الأبد.