اخر التدوينات

LightBlog

الأربعاء، 17 يوليو 2019

تباً لعنصريتكم

من مسيرة العودة في أيار من العام 2011


من أين نبدأ, كيف ندخل في صلب الموضوع؟ بأي وجه أسود سنقول ما نقوله؟ من يقدر على تفسير البديهيات؟ وعقل غراندايزر اللبناني هذا كيف نقنعه أن الفلسطيني لا يفكّر باحتلال لبنان, أو قضمه ووضعه في حقيبة سفره؟ أيها الأناس من ورق أتبحثون عن كبش محرقة؟ أم أن بطونكم لم تشبع بعد من السرقات؟ ماذا نقول لكم؟ بأي منطق سنقنع الفلسطيني اللاجئ منذ عشرات السنين إلينا ويحيا بأدنى متطلبات الحياة؟ هو اقتنع وأنتم ما زلتم مصرون على غوغائيتكم, العنصرية تنهشكم, وتريدون إقناعنا بأن همكم الأول والأخير هو مصلحة الشعب اللبناني!

في شهر أيار من العام 2011, مع انطلاق حملة "حق العودة" التي يحييها الفلسطينيون كل عام, كنتُ بينهم, وصلنا إلى الحدود اللبنانية الفلسطينية في مارون الراس, وبدأ عزف النشيد الوطني الفلسطيني "موطني موطني", التفتتُ إلى الجموع ورائي, وإذ بي أرى مشهداً تقشعر له الأبدان, بصوتٍ واحد ككورس متمرس, ينشدون جميعهم, تأملتُ وجوههم, كل رجل وامرأة, كل طفلة وشيخ, كانوا يرددون النشيد بكل ما أُوتوا من عزيمة, كل ما فيهم كان يغني, لم يكن يغني, بل كان يُؤكد على انتمائه, على خياره الأول والأخير. كنتُ أنظر إليهم, وسؤال واحد يدور في خُلدي, من يستطيع اقتلاع فلسطين من قلب هؤلاء, هم صابرون, شعبٌ اتقن الصبر حتى الملل, شعبٌ يحمل في جيبه مفاتيح "الدار", يحفظون تاريخهم, يرددونه لأطفالهم وأحفادهم, فلسطين متجذرة بهم, ثم يأتي من يقول لك: الفلسطيني باع أرضه!

قد تكون هذه الصيغة المناسبة التي يعتمدها أعداء فلسطين, فلسطين القضية النابضة في عروق كل فلسطيني وفلسطينية, والحجة جاهزة, هؤلاء باعوا أرضهم ولجأوا إلى دول الجوار كي يستوطنوا فيها! أي عقلٍ مريض قد يصدق هذه الكذبة؟ على الأقل إطّلعوا على الكتب والروايات التي خطّها الأدباء والشعراء الفلسطينيون, والتي تتحدث جميعها عن المعاناة التي عاشها أولئك الفلسطينيين خلال النكبة وبعدها, التهجير الممنهج الذي مارسه العدو الصهيوني, التدمير والقتل والتنكيل الذي عاشه الشعب الفلسطيني لم يسبق لشعب أن عاشه!

غسان كنفاني, محمود درويش, ابراهيم نصر الله, سميح القاسم, وغيرهم, رواية أو ديوان شعر لهؤلاء تكفي لمعرفة التاريخ الفلسطيني, والمشقة التي عاناها بفعل النكبة! وان لم تودوا أن تقرأوا لمن وُلدوا من رحم المعاناة, عليكم بإيلان بابه, هذا مؤرخ إسرائيلي, تعرّض للنقد بسبب فضحه للكذب والتزوير الصهيوني, وتأييده للحق الفلسطيني. كتب بابه عن التطهير العرقي المُمارس من قبل الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين, لديه العديد من المؤلفات التي أدّت إلى التضييق عليه, والتي يؤكد فيها أن كيان العدو هو كيان استيطاني عنصري.


فوق كل ما يتحمله الفلسطيني في لبنان من اجحاف في المعاملة, وأبلسة كل ما يخرج من المخيمات الفلسطينية, يأتي القرار الأخير ليقول للفلسطينيين صراحة "انتحروا" أو ننتحركم نحن! بحق السماوات كيف يعيش الفلسطيني في لبنان أصلاً؟ كيف يأكل؟ كيف يشرب؟ كيف يقي نفسه وعائلته حرّ الصيف, وبرد الشتاء؟ هل لدى أحدا من أولئك الشوفينيين اللبنانيين من لديه أدنى فكرة عن طريقة الحياة التي يحياها الفلسطيني في المخيمات؟ ان كان يُمنع عليه أن يعمل كطبيب, كمهندس, ماذا يفعل؟

الفلسطينيون في لبنان, أو في سوريا, متيّقنون أنهم عائدون إلى وطنهم, مهما طال الأجل, لأنهم مؤمنون بحقهم, بعدالة قضيتهم, أن تحرّرهم من اللجوء الذي يعيشونه, ليس إلا مسألة وقت, غير طامعين بوطنٍ بديل, ولا يطلبون أكثر من أن يحيوا بكرامة, أن يكون لديهم أدنى متطلبات الحياة, ولكن هذا لا يعني دفعهم نحو الإنتحار, وتضييق الحصار عليهم, وأولئك الذين يتبجحون ليل نهار, أن أصل المشكلة في لبنان هو الفلسطيني, ليسوا سوى عنصريين مُقيتين, دفعتهم كراهيتهم وشوفينيتهم إلى تحويل الفلسطيني إلى شمّاعة يعلقون عليها فشلهم في حل مشكلات لبنان المستعصية.


غداً سيعود الفلسطيني إلى وطنه, سيفتح الأبواب, ويسترجع المفاتيح, كل بيتٍ, كل دار, سيُعيد تعليق صور الجدات والاجداد على الحيطان, بعد أن يطرد المحتل, فكل احتلال إلى زوال, إن كنتم لا تدرون!
غداً سنغني بأعلى أصواتنا, بملء حناجرنا للحرّة التي علّمتنا الحياة, فلسطين, وسنقول: تباً لكم, لحدودكم, لقوانينكم... تباً لعنصريتكم!

صفحة المدونة على الفايسبوك
للإطلاع على الكتب والروايات المتوفرة في مكتبة عزازيل يمكنكم زيارة الصفحة من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Publisher ID: pub-7408538024772291

Adbox