تغريدة واحدة من الفنانة اللبنانية جوليا بطرس تعليقاً على صفقة القرن على تويتر كانت كافية لضخ كمية من الحقد والجهل ضدها. من هاجمها لأنها لم تتفوه بكلمة واحدة حول ما يحصل في لبنان, ومن طالبها بالرحيل الى فلسطين, الى من لم تكفه الشتائم لإفراغ حقده, كل ذلك لأن جوليا برأيهم لم تشارك في المظاهرات القائمة في لبنان منذ اشهر.
في الواقع لم أفهم يوماً كيف من يطالب بالحرية ومحاربة الفساد, يحارب شخصاً آخر لمجرد انه لم يُبد رأياً, او حتى انه نطق برأي مخالف!
قبل كل شيء من يعرف جوليا جيداً ويتابع نشاطها الاعلامي بعيدا عن الفن يجد انها نادرة الظهور الاعلامي, ولم تنطق يوماً برأيها حيال الاحداث في لبنان او في المنطقة, باستثناء الاحداث الكبيرة في فلسطين المحتلة, من هنا جاءت تغريدتها بديهية حول موقفها الرافض لصفقة القرن! هذه جوليا,وهذه فلسطين, فلسطين القضية والوطن الأكبر, فلسطين البوصلة التي تُحرّك فينا جميعاً مشاعر الغضب والإنتماء. من هنا جاءت تغريدة جوليا!
بالطبع لا تحتاج جوليا لمن يدافع عنها, تاريخها الفني الملتزم لا يحتاج الى كلمات, مسيرتها الفنية التي بدأت مع منرفض نحنا نموت, مروراً بكل الاغاني الاجتماعية والوطنية تدل بشكل كبير انها صاحبة رؤية جامعة, لم تعلّق يوما على التفاصيل او الاحداث المحلية البحتة.
جوليا التي غنّت أنا بتنفس حرية, التي لم تساوم يوماً على موقفها الرافض للإحتلال والظلم, وهي ابنة الجنوب, هي التي لم تجرؤ الشائعات على ملاحقتها, صاحبة السجل الابيض بين الفنانين, الفنانة والانسانة التي نجد فيها, نحن محبيها, صورة ناصعة لإمرأة لم تكترث للحفلات الشعبوية, لم تبجّل رئيساً عربياً, كما فعلن الأخريات, حافظت على مسيرة نظيفة. جوليا التي لم تدخل يوماً في سجالات فارغة, لن يأتي من يظنون أنفسهم ثوار ليقدموا لها دروساً في الانتماء! من لديها هذا التاريخ الفني الطويل لن تنتظر منكم أن "ترضوا عنها" بموقفٍ رخيص تأبى أن تضع في خانته!
من أعطاكم هذا الحق بفرض ما ترونه صحيحاً لتفرضوه على جوليا او غيرها؟ هنا أتذكر من وقف يوماً وشتم زياد الرحباني لأنه لم يقف مع ما يُسمى "الثورة السورية"! تخيّلوا, زياد ينقصه الوعي والادراك كي يأتي من يرشده الى الطريق الصحيح! واليوم يتكرر الموقف مع جوليا, يا لبأس هذا الزمن!
ان كنتم تعتبرون أنفسكم ثواراً, وتُنشدون الحرية, عليكم في البدء أن تحترموا رأي من لم يرَ في ما تفعلونه ثورة! قد تكون جوليا الى جانب هؤلاء, وبالتأكيد يهمها محاربة الفساد, ورؤية وطنها في عافية, لكنها لها كل الحق في رؤية ما يناسب تطلعاتها, في رفض او قبول اي تحرك او انتفاضة, لها الحرية في التعبير او عدم التعبير, من انتم يا "ثوار" كي تهاجموا قامة كجوليا؟ هناك احرار يأبون ان يُعلّبوا او يتم حصرهم في قوالب معينة, وانتم لستم الجهة المخولة لاعطاء دروس بالوطنية, او بالانتماء.
جوليا, هذا ليس دفاعاً أنتِ لا تحتاجينه, هو رفض من يحبك لوضعنا جميعاً في قوالب غب الطلب, لا تأبهي لكل هذه الجعجعة, لا سيما وأنك في خضم حزنٍ عميق لرحيل والدك, رحمه الله, ورحمنا جميعاً من ثوار آخر زمن!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق