تنقل رواية "تحت شمس الضحى" للكاتب والروائي
الفلسطيني ابراهيم نصرالله الواقع الفلسطيني كما هو من خلال قصة سليم نصري الذي
يتقمّص شخصية معتقل فلسطيني سابق في السجون الاسرائيلية وهو ياسين الأسمر من خلال تجسيد
سيرة حياته في مسرحية من تأليفه وتمثيله واخراجه, حيث قام نصري بتجميع الحكايات
التي تُروى عن ياسين من كل أولئك الذين يعرفونه أو الذين يدّعون معرفته.
بدأ سليم العمل في المسرح من خلال عمله في مكتب للدراسات بعد أن
رشّحه مدير المكتب والذي كان يُطلق عليه لقب "الدكتور", للمشاركة في
مسرحية غنائية للأطفال. ورغم فشل المسرحية بسبب الحصارات وحظر التجوال الذي كان
يفرضه الاحتلال الاسرائيلي بعد أوسلو, الا أن سليم استمر في محاولته الحثيثة كي
يحقق نفسه كممثل,الى أن خطرت له فكرة تجسيد سيرة حياة المناضل ياسين الأسمر الذي
أبعده الاحتلال عن رام الله الى مخيم تل الزعتر في الأردن, ليعود بعدها الى رام
الله بعد اطلاق سراحه للمرة الثالثة.
تلقّى سليم المساعدة من "الدكتور" كي يجسّد شخصية
ياسين في مسرحية من تأليف وتمثيل واخراج سليم نفسه. استغل سليم تماهي جسده بالكامل
مع جسد ياسين الى درجة تقليد مشيته العرجاء بعد التعذيب الجسدي الذي تعرّض له
ياسين في سجون الاحتلال الاسرائيلي. قدّم "الدكتور" كل الدعم اللازم
لسليم كي يعرض مسرحيته في البلدات والمدن الفلسطينية المجاورة لرام الله, لكن سليم
كان في كل مرة يفشل في أداء شخصيته بسبب ظهور ياسين في كل مرة خلال تجسيد
المسرحية, مما كان يسبب ارباكاً لسليم وبالتالي فشل العروض.
تجسّد رواية "تحت شمس الضحى" الواقع الفلسطيني
المنقسم بين المقاومة وبين أصحاب السلطة الفاسدين, وكيف أن المناضل يبقى حيّاً
مهما حاول الآخرون تشويه تاريخه وهذا ما حدث مع سليم الذي ظن أن الصحافية التي ظلت
تطارده بأسئلتها حول ما اذا كان الشخص الذي يروي سيرته ما زال حياً أم لا, انها
معجبة به, ليُفاجئ بأنها تسعى وراء البطل الحقيقي أي ياسين علّها تفوز بلقاء صحافي
معها.
اشارات كثيرة يمرّرها الكاتب ابراهيم نصرالله من خلال روايته
منها حكاية الصبي نمر الذي بقي يردد خلال الرواية بأن مستقبله ضاع في المرتين
اللتين احترق فيهما كتابيه المدرسيين بسبب الغارات والقنابل التي كان الاحتلال
الاسرائيلي يلقيها على رام الله. بقي نمر يعبّر عن تخوفه من ضياع مستقبله وعدم
اكمال دراسته خلال أحاديثه مع ياسين الى أن استشهد بين يديه وبقي نصف جسده معلقاً
بين يدي ياسين والنصف الآخر احترق جراء قنبلة اسرائيلية مباغتة.
هكذا من خلال الاشارات التي أرسلها نصرالله استطاع نقل واقع
فلسطين بعد مرحلة أوسلو والانقسام الذي حصل في المجتمع الفلسطيني, بين من بقي يرى
النضال هو الطريق الصحيح والوحيد لتحرير فلسطين,وبين من وجد في الانتهازية طريقاً
سريعاً لتحقيق مصالحه, وكيف انه يستخدم كل
الوسائل التي تتيح له القضاء على من يقف عثرة في طريقه.
صدرت رواية "تحت شمس الضحى" في العام 2009 عن الدار
العربية للعلوم ناشرون ومنشورات الاختلاف, وهي جزء من سلسلة "الملهاة
الفلسطينية" والتي تشكّل كل رواية منها جزءاً من تاريخ فلسطين. والى جانب
رواية "تحت شمس الضحى" هناك 5 روايات غيرها وهي: زمن الخيول البيضاء,
طفل الممحاة, طيور الحذر, زيتون الشوارع, وأعراس آمنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق